30 ثانية قد تحول رفاهيتنا الى ادمان

من منا لا يرغب الرفاهية بشتى أنواعها، بخاصة حينما تكون سهلة الوصول ورخيصة الثمن، كالانغماس في المقاطع القصيرة التي لم تعد تقتصر على جيل دون آخر أو على عمر دون آخر. حتى أصبحت مطلب رئيس يفضله البعض عن الأكل والشرب.

وبقدر ما تحمله مختلف وسائل الاعلام من فوائد في بعض محتواها بقدر ما يزيد عن ذلك بعشرات المرات من أضرار صحية جسدية ونفسية واكتساب سلوك غير محمود في كثير من المجتمعات ومناحي الحياة العلمية والعملية والثقافية والاجتماعية وغيرها.

ومع تزايد شعبية هذه المقاطع القصيرة وتنوع محتواها دون قيود، يزداد الانغماس في متابعتها لتصل بالكثير الى حد الإدمان وبرمجه العقل على الاشباع الفوري دون معرفة المخاطر الخفية وبخاصة للفئات العمرية للأطفال والمراهقين والشباب من خلال اكتساب بعض السلوكيات الخاطئة أو قتل التحفيز في مجال التعليم وبخاصة في غياب سياسة مراقبة لتعزيز الحد من مشكلة الافراط في مشاهدة المقاطع القصيرة.

هل يوجد فرق بين مقاطع الفيديو القصيرة ووسائل التواصل الاجتماعي

تعد وسائل التواصل الاجتماعي منطقة ذات حدود واسعه وذات وقت أطول على خلاف مقاطع الفيديو القصيرة التي تتراوح بين أقل من دقيقة الى خمس دقائق ولها إيقاع موجز وسريع مما يسهم في جذب الانتباه لمشاهدة مقطع قصير جدا والانغماس والانتقال الى مقاطع أخرى بصمت مما يؤدي تدريجيا الى خلق سلوكيات إدمانيه لدى المتلقي.

تأثير إدمان الفيديو القصير على سيكولوجية التعلم

إن تنامي شعبية انتشار مقاطع الفيديو القصيرة وتنوعها والانغماس فيها كجزء من الرفاهية أصبحت ملازمة لفئات طلبة التعليم بمختلف المراحل الا أنها تجلب العديد من المخاطر للتأثير السلبي على أنشطة المخ للتعامل مع أساليب التعليم التقليدية، نظراً لأن الأخيرة تأخذ شكلا تقليديا في مدة تعد طويلة جدا مقارنة بمقاطع الفيديوهات القصيرة بما تحمله من صدق للمعلومات من عدمه مما يولد كثيرا من الشكوك في المعلومة التي يتلاقها طالب العلم في مدرسته.

وتسبب مثل هذه السلوكيات الإدمانية من المقاطع القصيرة ضيقاً ومشاكل نفسية على الطالب وتنعكس سلبا على المحصلة التعليمية والتركيز على الجوانب الإيجابية.

ومن أهم التأثيرات السلبية لإدمان المقاطع القصيرة يكمن في التأثير السلبي على النمو النفسي والعاطفي للمراهقين بصفة خاصة ومدى تأثيرها على التصورات العاطفية أثناء عملية التعليم مما يشتت انتباه المتعلم وبالتالي تقليل فرص التحفيز والتعلم. وعلى النقيض فمن المحتمل أن يكون لدى الطلاب الذين لديهم دافع تعليمي جيد عمليات ونتائج تعليمية أفضل عندما لا يكون لديهم أشياء أخرى في أذهانهم.

يظهر على مدمنوا المقاطع القصيرة حالة من الملل والرتابة حينما ينخرطون في أعمال وأنشطة طويلة ومنها التعليمية بسبب انشغال اذهانهم وتشتت أفكارهم حيث أنهم لا يستطيعون التوقف بشكل جاد عن متابعة المشاهد القصيرة كنوع من الرفاه، ويشعرون بالفراغ والاكتئاب والانفعال عند الانقطاع المؤقت عنها. وهي الحالة التي يصفها البعض أنها تدفق لمتعة ورفاهية ممتعة للغاية ولا يرغب في ترك الإدمان وتأثيره السلبي على حياته التعليمية.

ومن الجدير بالذكر تلك السلوكيات الإدمانية التي تظهر لدى مدمني المقاطع القصيرة التي يختارونها بشكل متكرر ولفترة طويلة من الزمن للتوافق مع الأعراف الاجتماعية التي قد تكون غير مرغوبة أو تقلد شخصيات وهمية أو عدوانية. كل ذلك قد يظهر على مدمنوا المقاطع القصيرة دون إدراك انها سببت فجوة معرفية ولم يعتبروا سلوك الاستخدام الخاطئ لها بمثابة إدمان.

ويأتي هنا دور أولياء الأمور وهيئة التدريس المختلفة والمستشارون من إيصال مفهوم الإدمان السلوكي للطلاب وغيرهم من عامة الناس والضرر المحتمل الذي يمكن أن تسببه مقاطع الفيديو القصيرة للتعلم والصحة العقلية.

الكوكائين الرقمي وتأثيره على الدماغ

إن صحت التسمية على إطلاق مثل هذه المقاطع القصيرة بالكوكائين الرقمي لأنها تدفع بالإنسان الى الإدمان عليها وقضاء ساعات طويلة في تكرار مشاهدتها والتأثر بها، نتيجة تحفيز جسم الانسان لمادة الدوبامين (هرمون السعادة) والتي لها تأثيرات عديدة على جسم الانسان بشكل عام، والدماغ بشكل خاص، أحدها ذلك الدور المحوري الأساسي في العامل التحفيزي. حينها يشعر الانسان بسعادة لا تدوم طويلا قد تغيب بمجرد التوقف عن مشاهدة هذه المقاطع وتكون عودته لممارسة أنشطته الحياتية والعلمية غير مرغوبة مما يشعره باضطرابات قد  تتطور الى الملل والقلق والاكتئاب. ليعود مرة أخرى لمشاهدة المقاطع الصغيرة رغبة منه في التخلص من المشاعر السلبية التي يشعر بها. ويلازمه ادمان الاشباع الفوري السريع لرغباته من خلال هذه المقاطع رغم تكرارها الا انها بأقل جهد ممكن يفقد معها قدرته على الصبر والعمل المتواصل الجاد ويفقد معها قدرته على الانتاج.

تؤثر المقاطع القصيرة بشكل سلبي على قوة الذاكرة والتركيز بسبب تعرض الدماغ لمقاطع وصور مختلفة بأحداث كثيرة يبعث بعضها مشاعر متناقضة بين السرور الحزن والجد والسخرية وغيرها من الثقافات والعلوم المختلفة ذات مصادر غير معلومة تبعث على الشكوك أحيانا وتقحم الآخر في نقاشات غير طويلة وآراء لا تستند على دليل.

 

30 ثانية قد تحول رفاهيتنا الى ادمان

 

المقاطع القصيرة والهروب.

يعيش البعض في مجتمع وبيئة بسيطة بإمكانيات محدودة لا ترقى الى تلك المشاهد القصيرة المتكررة التي يتعرض فيها المدمنون على المقاطع الصغيرة الى خدعة نفسية مؤلمة والتي تظهر عالم افتراضي يتظاهر الكثير فيه بالسعادة والغنى والحياة المثالية السعيدة التي يمنتجها وينتجها صانعوا ومستثمرا تلك المقاطع وسرعان ما تنتهي وينتهي معها تلك اللحظات التي عاشها ليعود الى بيئته البسيطة التي تشعره بالنقص وعدم تقدير الذات  والتفكير بطريقة غير عقلانية تحرمه من الاستقرار الاجتماعي والعاطفي نتيجة لا صابته بالاضطرابات النفسية وتشويه البناء النفسي والعقلي للمدمن.

كيف نقي أنفسنا ومجتمعنا من الاثار السلبية للمقاطع القصيرة؟

حينما ندرك أن هذه المقاطع القصيرة قد توصل الى الإدمان السلبي لجميع الفئات العمرية وخاصة صغار السن والمراهقين والطلبة وأنها قد بدت تفقد السلوكيات الإيجابية، حينها نؤمن أن توظيف هذه المقاطع بطريقة احترافية واجب ومطلب لتفادي التأثير السلبي على الدماغ واللعب بالمشاعر والعواطف وهرمونات الجسم التي تتنقل بين مشاهد سعيدة وحزينة وفكاهية وعلمية واجتماعية وغيرها في الوقت ذاته، وذلك من خلال وضع وتطبيق قوانين هادفة جاذبة غير منفرة تتفق مع بيئة وعمر وثقافة مدمني المقاطع القصيرة سواء في الأسرة أو بيئة التعليم او بيئة العمل وعلى سبيل المثال:

– تنظيم الوقت لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات ومواقع الفيديوهات والمقاطع القصيرة.

ـ خلق بدائل مناسبة تبعد الملل والرتابة وتشغل الفرد دون التفكير بالعودة للمقاطع القصيرة مثل ممارسة الهوايات والاجتماعات العائلية او الاقران وغيرها.

– التوعية من خطر الإدمان على المقاطع القصيرة ومحاولة علاج أسبابها.

– توجيه الحالات المتقدمة والتي تظهر عليها علامات الرتابة والملل والوحدة والكآبة وعدم الصبر والتأثر بمعتقدات او سلوكيات غير مرغوب او التراجع في المحصلة التعليمية وغيرها من السلوكيات التي قد تتطور الى اضطرابات نفسية وعقلية الى أصحاب الخبرة والاختصاص في تخصص العلوم النفسية والاجتماعية للحد من التعقيدات المصاحبة وتطور الحالة.

وهنا في مركز سواء وتحت إدارة ونخبة من عدد من المختصين نعتز بثقتنا في تقديم برامج مهنية وعلمية في الإدمان الرقمي ووضع خطط للتعامل مع الأثار السلبية الناتجة من الاستخدام المفرط للأجهزة والألعاب ومقاطع القصيرة قد تتطور الى اضطرابات نفسية لا يحمد عقباها. ونشرف بزيارة موقعنا الالكتروني للتعرف على خدماتنا.

 

 

بقلم:

شارك المقال مع اصدقائك:

سجل لتصلك أحدث المقالات

المنشورة بعناية من قبل معالجين ذو خبره طويلة بالمجال 

مقالات قد تزيد معرفتك:

لحجز موعد بمركز سواء

كل ما عليك هو تحديد المعالج او العيادة المناسبه لك